كشفت وثائق رسمية عن فساد إداري ممنهج وعبث صارخ بموارد التمويل والمشاريع التنموية داخل مكتب التخطيط والتعاون الدولي بمحافظة تعز، وسط اتهامات لقيادة المكتب بتحويل التمويلات إلى نفقات تشغيلية وتجاوز القانون في تنفيذ المشاريع، في واحدة من أبرز الفضائح الإدارية التي تضرب العمل التنموي في المحافظة.
الوثائق التي رفعها مدير إدارة التخطيط وبرمجة المشروعات في المكتب، نجيب عبدالله أحمد الظافر، إلى محافظ المحافظة نبيل شمسان، فضحت سلسلة تجاوزات جسيمة شملت تجاوز قانون المناقصات، تنفيذ مشاريع بالتكليف المباشر، وتغييب الخطط السنوية، ما تسبب بعشوائية الأداء وفوضى إدارية عطلت التنمية وأهدرت الموارد.
تكليفات مباشرة وغياب الرقابة
أكدت الوثائق أن مدير المكتب نبيل جامل لجأ إلى تنفيذ مشاريع عبر التكليف المباشر، متجاوزًا القانون ومتسببًا في ضعف جودة التنفيذ وارتفاع التكاليف، ما أدى إلى تعثر عدد من المشاريع.
كما كشفت الوثائق عن غياب خطة عمل تنفيذية سنوية واضحة للمكاتب والمديريات، وتعديل غير مبرر على خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية 2024–2026، شمل حذف مؤشرات الأداء وتحليل الوضع الراهن، ما اعتُبر إخلالاً فنيًا جسيمًا بمعايير التخطيط.
تمرير مشاريع المنظمات دون تقييم أو رقابة
وتوضح الوثائق أن مكتب التخطيط أصبح مجرد "محطة عبور" لتمرير مشاريع المنظمات الدولية دون أي تقييم فني أو رقابة حقيقية، حيث تُنفذ مشاريع لا ترتبط بأولويات المحافظة، وتُهدر ما يصل إلى 50% من تمويلاتها على النفقات التشغيلية، بدلًا من تنفيذها فعليًا.
كما أشارت إلى أن مشاريع عديدة تُنفذ في مديريات تعز دون علم المكتب، ما يؤكد غياب الدور الرقابي والميداني.
مركزية مفرطة وتهميش للكفاءات
وبحسب الوثائق، يعتمد مكتب التخطيط على مركزية شديدة في اتخاذ القرار، ويقصي الإدارات المختصة عن نقاش مشاريع المنظمات، بل ويستحدث كيانات بديلة خارج اللوائح. كما يُمارس أساليب الضغط والحرمان من الامتيازات بحق الموظفين المعارضين، في مشهد إداري غير مسبوق من العبث.
كذلك لم يُفعَّل مشروع خارطة الخدمات الأساسية رغم وجود مخصص مالي له في موازنة 2022، في ظل غياب تام لإدارة الرقابة والتقييم، ما عمّق فجوة الثقة في أداء المكتب.
دعوات للتحقيق والاستبعاد
طالبت الوثائق محافظ تعز بفتح تحقيق عاجل وشامل في كل التجاوزات، وإعادة هيكلة المكتب وتفعيل دور الإدارات الفنية المختصة، بما يضمن الشفافية واستغلال التمويلات بشكل يخدم التنمية الحقيقية.
نائب المدير يخرج عن صمته
وفي موقف لافت، أعلن نائب مدير عام المكتب نجيب أنور الشاذلي تأييده الكامل لما تم تداوله من فضائح تخص المكتب ومديره العام نبيل جامل، واصفًا ما يحدث بأنه "حقيقة ساطعة لا تقبل اللبس".
وفي بيان تلقته وسائل الإعلام، أكد الشاذلي أن "التنمية والفساد ضدان لا يلتقيان"، مشيرًا إلى أن تعز لا يمكن أن تُدار بذراع مشلولة، وأن استمرار هذه القيادة يهدد حاضر ومستقبل التنمية في المحافظة.
وأكد الشاذلي أن المدير العام مارس اختلالات إدارية وفنية ومالية خطيرة، ولم يلتزم بالرؤية والرسالة المؤسسية التي حددها قرار إنشاء المكتب (قرار مجلس الوزراء رقم 288 لسنة 1991م)، ولا اللائحة التنفيذية (رقم 70 لسنة 2010م).
تهديد باللجوء إلى القضاء
وحمّل الشاذلي المدير العام مسؤولية تدهور أداء المكتب، قائلًا إنه "غير مؤهل بأي معيار لقيادة جهاز التخطيط"، مضيفًا أن استمراره في منصبه "سيجر المحافظة إلى عواقب وخيمة"، معلنًا بوضوح: "قد نضطر لاستبعاده بقوة القانون عبر القضاء".