آخر تحديث :السبت 19 يوليو 2025 - الساعة:00:35:56
الحراك المفقود
بدر عبده شيباني

السبت 00 يوليو 0000 - الساعة:00:00:00

قبل يومين من الاحتفال بمضي 25 عاما على ثورة 26 سبتمبر 62م، وجدنا أنفسنا ولا حققنا هدف منها، وقتلنا أبطالها، وانحرفنا بها عن مسارها، وفي تلك الليلة وجدنا أنفسنا بلا دولة قد أسسناها ولا في حكومة تسير شؤوننا ولا جيش من كل تلك الجيوش مستعد أن يدافع عن حرماتنا، ولا أمن يحرسنا ونحن بلا حراسات تحمي بيوتنا ولا دستور أو قوانين نحتكم إليها، كل شيء انهار في ساعة زمن، وكأننا في دولة تسيرها خيوط مسرح العرائس وكل الانجازات التي ظلوا يكلموا الناس عنها ولا يصدقوهم ، تلاشت ولم تعد قائمة مثل كل المليارات والترليونات التي صرفت على مشاريع التنمية الاقتصادية ولم نستطع أن توفر الشغل لشبابنا ولا حتى الكهرباء والمياه للناس في العاصمة ولا في المدن الرئيسية، والناس تتحمل جرعات الفساد المستمرة وغلاء أسعارها، وهم لا يشعرون بمرارتها ولا يوجد في الشوارع غير حقنا المجنانة بإطلاق الرصاص والقنابل على بعضنا، والقادم يشبه جاراتنا إذا لم نفهم أوضاعنا، وما يجري في البلدان حولنا، وما جرى للمواطنين في العاصمة وما يجري في المدن الرئيسية إلا نموذجا عندما تحكمهم أنظمة تأسست على أساس الولاءات والتوازنات القبلية والأسرية والمذهبية والعنصرية لإلغاء الآخرين، ولم تبن على أسس حق الشراكة الوطنية لجميع المواطنين في بناء دولة تتشارك معهم في إدارة شؤونهم لا دولة تحكمهم وجيوش وأجهزة أمنية لقمعهم واذلالهم لا تحميهم.

الناس الغلابة الذين انتفضوا على حكامهم وضحوا بدمائهم وأرواحهم في الشوارع والميادين، من أجل تغيير النظام، وخرجوا مجددا لتحقيق مطالبهم بالتغيير الحقيقي والملموس، لا يريدوا أن تكون لديهم دولة مثل هذه ولا يريدوا أن يعيدوا تكرار تأسيس دولة مثلها لا تنتمي لهم ولا تدافع عنهم، وتتراجع عن القيام تفي تنفيذ مهمات وظائفها الأساسية في توفير الاحتياجات الإنسانية الأساسية اللازمة للعيش الكريم لمواطنيها.

أظهرت هذه الأحداث وما يجري من تطورات أطاحت بالعديد من التصورات والسيناريوهات بأن (القضية الجوهرية) في معضلتنا تكمن كلها في (الدولة) التي يعتمد نجاحها أو فشلها على شكل نظمها السياسي ومستوى شراكة المواطنين في سلطاتها، وهو السبيل الوحيد الذي يحقق (تحولات ديمقراطية) حقيقية وملموسة على الواقع، لتغيير حياة الناس المعيشية التي لم تتغير منذ ثورة سبتمبر وأكتوبر.

هذه الدولة أصبحت اليوم أمرا مهما جدا يتطلب الآن وليس غدا، أن ينشأ من أجلها (حراك) وطني واسع داخل قوى الحداثة ومن تلك (النخب) لخروج من حالة الشرنقة والسرية والتنظير داخل الغرف المغلقة التي نلازمها خلال كل المراحل الفاصلة واعاقتها عن القيام بدورها الوطني الفاعل والمؤثر لتشكيل وقيادة الاصطفاف الوطني الواسع لكل قوى المجتمع، التواقة للحرية وبناء الدولة المدنية الديمقراطية وألا تترك الأمر يمضي ويضيع من بين أيديها مجددا وتخسر مرحلة تمضي بدعم دولي وشعبي وعليها مسؤولية تجاه ذلك، في دعم مهمات الحكومة الحالية وتوجهات الرئيس هادي في مواجهة المعكسر الأزلي المعرقل لقيام هذه الدولة، بعد تنفيذ مخرجات الحوار ووثيقة السلم والشراكة، وهما الوثيقتان المدعومتان دوليا، ولا يوجد لدينا غيرهما تمضي (بالإجماع) الوطني مثلهما لتأسيس نظام جديد بديل لما هو قائم يرتكز على تغيير النظام السياسي وأيضا الدستور والنظام والقانون الانتخابي بتثبيت أحكام حق الشراكة مع المجتمع وبناء اقتصاد وطني صناعي وهي الأسس القادرة على معالجة مشكلاتنا التي صنعوها لنا حكامنا.

هذا الحراك مفقود تماما من حياتنا، والذي ينبغي أن يكون حاضرا فاعلا في ظروف هذه المرحلة الفاصلة قبل الجولة الأخيرة ومن دولة لن تثبت نصوص أحكام دستور وطني يحقق طموحات كل المواطنين في إرساء أسس النظام الذي يحقق تحولات ديمقراطية حقيقية ملموسة لا تحولات لتحالفات حزبية ومذهبية وتفرقة عنصرية لنعود لحروب أسوأ مما كنا عليها.

 

شارك برأيك
إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص